ملتقى اصدقاء السماوة

أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم نتمنى لك وقت ممتع ونتمنى منك الأنضمام الى أسرة موقع ((ملتقى أصدقاء السماوة)) تحياتي المدير العام للموقع ((علي العذاري))

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى اصدقاء السماوة

أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم نتمنى لك وقت ممتع ونتمنى منك الأنضمام الى أسرة موقع ((ملتقى أصدقاء السماوة)) تحياتي المدير العام للموقع ((علي العذاري))

ملتقى اصدقاء السماوة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى أصدقاء السماوة Forum Friends Samawah


    مذكرات الجندي المرقم 195635(ج4) (يحيى السماوي)

    علي العذاري
    علي العذاري
    Admin


    عدد المساهمات : 1046
    تاريخ التسجيل : 06/12/2010
    العمر : 33
    الموقع : جمهورية العراق - محافظة المثنى

    مذكرات الجندي المرقم 195635(ج4) (يحيى السماوي)  Empty مذكرات الجندي المرقم 195635(ج4) (يحيى السماوي)

    مُساهمة من طرف علي العذاري الأربعاء ديسمبر 08, 2010 8:19 am

    كما يشطر طفل فقير برتقالته إلى نصفين غير متساويين : شطر نهر الفراتمدينة السماوة إلى شطرين غير متساويين ، الأول صغير سُمّيَ بـ " الصوبالصغير " ويُسمّى أيضا بـ " صوب القشلة " حيث توجد فيه قلعة قديمة عثمانيةالطراز اتُخِذتْ مجمعا حكوميا ضمّ مكتب القائممقام والسجن ودوائر أخرىكالتجنيد والسجل المدني والتسجيل العقاري ودوائر أخرى كما ضم السجن الرئيسفي المدينة ... عند الباب الرئيس لهذه القلعة تتدلى " ريشة " مروحة طائرةعسكرية كان ثوار السماوة قد أسقطوها في ثورة العشرين فاتخذتهاالقائممقامية ساعة يُعلن من خلال الطرق عليها بقضيب حديدي عن أوقات الدواموانتهائه .. في هذا الصوب تقع مدرسة ثانوية السماوة للبنين وهي الوحيدة "آنذاك " ونادي الموظفين والمستشفى العام ومحكمة السماوة ومحلان منزويانلبيع الخمر " كان غير الموظفين من العرقجية يدلفون إليهما بحذر من عيونالناس لشراء قنانٍ صغيرة يسهل إخفاؤها في جيوبهم إذ لا ثمة مَنْ يتجرّأعلى حمل " القزالقرط " على مرأى من الفتية اللهمّ إلآ إذا كان مستعدالتلقي حجارتهم وصراخهم خلفه " سكران بالك عنّهْ .... فلوس العرك مو منّهْ" أو يهتفون وراءه " لا تنقهرْ يابو عقال ... ترى السدارة قندرة " وقديأتيه حجرٌ طائش فيشجّ رأسه كما حدث لـ " عطا الله الكرّافي " مثلا ..

    أما الصوب الكبير فإن السوق المسقوف يشطره هو الآخر إلى نصفين غيرمتساويين .. النصف الشمالي يُسمّى " الغربي " والثاني يسمى " الشرقي ..ولكل من هذين الشطرين شيخه وحكيمه ، يلجأ إليه ساكنوه لحلّ مشاكلهموخصوماتهم ... فالسيد " حسين السيد طفّار " كان شيخ الشطر الشرقي ، أماالشطر الغربي فشيخه وحكيمه هو شنان آل رباط ( كثيرا ماكان يدفع الديّات منماله الخاص بغية إصلاح ذات البين بين المتخاصمين وكان تواضعه مضرب مثل بينأهالي المدينة ) .

    ومع أن مساحة السماوة وتوابعها من أقضيةونواح ٍ وقصبات تأتي بعد محافظة الأنبار من حيث المساحة الجغرافية ، إلآأنها بقيت عبر كل عهود الحكم خارج اهتمام الحكومة المركزية كما لو أنهاتقع في قارة أخرى ـ وخصوصا في عهد الإنتداب البريطاني وعهد انتداب عشيرة "آل بوناصر " ممثلة بمندوبها السامي " مطيحان بن صبحة " ... لقد نظرتالحكومات إلى مدينة السماوة على أنها " منفى ً " داخليّ لمعارضيها ،وأقامت في صحرائها سجن " نقرة السلمان " الرهيب الذي اعتقلت فيه مئاتالعوائل من الأكراد الفيليين قبل دفن أفرادها أحياء في منخفض رمليّ علىبعد مسافة قليلة من قلعة السجن الحجرية قريبا من منطقة " الجليب " ....

    الساعتان اللتان أمضيتهما مع الشيخ شنان بصحبة والدي كشفتا لي عن جوانبأخرى من شخصيته كمعرفته بالأنساب وحفظه للكثير من الشعر والمنظوماتالشعبية كأهازيج ثورة العشرين ... فاجأني بسؤاله وأنا أصيخ السمع إليه :عيناك معي لكنّ ذهنك في مكان آخر ... أجبته : هذا صحيح فأنا معك ولست معكفي آن ... فاكتفى بقوله : إن كان بمستطاع مالي ومُلكي حلّ مشكلتك فأنا وماأملك رهن إشارتك ... أجبته ـ مستغلا انشغال والدي في حديث مع شخص آخر : لاعدمتك ... لكن حلّ مشكلتي الحالية هو تدخين سيجارة أو سيجارتين وما يمنعنيعن التدخين الان هو وجود والدي ولا جرأة لي بالتدخين أمامه .. إستأذنالشيخ ضيوفه وأخذ بيدي فسار بي خارج المضيف ليتيح لي فرصة التدخينوليفاجئني بقوله : لك الحق في إخفاء مشكلتك الحقيقية ولكن لي الحق أيضا فيبذل ما أستطيع لحلّها إنْ كان بمقدوري ذلك ، مشكلتك ياولدي ليست السيجارةلأنك بالتأكيد قد دخّنت حين خرجت لغسل يديك بعد تناول الطعام لتعود متأخراعن والدك بضع دقائق .. !؟ أجبته : يالفراستك وفطنتك أيها الشيخ الجليل ..

    ***

    سألت والدي ونحن خارجان من مضيف الشيخ شنان آل رباط : هل أخبرته عناعتزامي الهروب من الجيش ؟ أجابني : لا ... لكنني توقعت أنك أخبرته حينتمشيت معه خارج المضيف ، واعتقدت أنك طلبت منه أن يوصي بك ابنه الضابطالكبير عبد الواحد .. ما الذي حال دون إخبارك له وأنت تعرف أنه لا يردّلضيفه طلبا مهما كان صعبا ؟ أجبت والدي : منعتني نفسي الأمّارة بالسوء !

    الحق يُقال : إن لي بالجنرال عبد الواحد علاقة طيبة .. هو يكبرني ببضعسنين على صعيد العمر والدراسة معا .. كان عبد الواحد في السنة الدراسيةالأخيرة في مرحلة الدراسة الثانوية حين كنت أنا في السنة الأولى منها ..جميع طلاب ثانوية السماوة يعرفون عبد الواحد كأفضل لاعب في منتخب المدرسةلفريق كرة السلة وفريق نادي السماوة الرياضي .. ومع أنه ابن أحد أبرز شيوخالمدينة إلآ أنه كان أحد أكثر الطلاب تواضعا ... كان ذكيا ومحبا للشعر حتىأن مدرس اللغة العربية الأستاذ شمخي جبر كان يشيد به كأحد أفضل الطلاب فيدرس الانشاء والتعبير .. كنت أتوقع أنه سيكمل دراسته في كلية الاداب ..لكنني فوجئت به ينتقي الكلية العسكرية فيتخرج فيها بتفوّق الأمر الذيأهّله لبعثة دراسية في موسكو عاد منها حاملا شارة الأركان متفوّقا علىجميع طلاب دورته ( أخبرني بهذه الحقيقة زوج شقيقتي / ابن خالتي العقيدحمزة الربيعي ـ زميله في الكلية العسكرية ومن ثم آمر مدفعية الميدان فيالفيلق الثاني خلال السنوات الأخيرة من قادسية مطيحان ) .. كان عبد الواحدحين زرت أباه يشغل منصب قائد فرقة المقداد المدرعة .. إنه ضابط محترف ،نال ترقياته العسكرية عن استحقاق وليس كبعض صغار الضباط وضباط الصف الذينأصبحوا جنرالات يحملون عصا الماريشالية مع أنهم لايستحقون أكثر من عصارعاة الأغنام كالجنرال علي كيمياوي والفريق أول ركن ثلج عزت الدوريوالفريق أول ركن ـ سائق دراجة ـ حسين كامل ومثلائهم .. ربما كان عبدالواحد سيضيفني إلى بعض أبناء السماوة العاملين بإمرته كأفراد حماية أوكتبة أو جنود في المقرات الخلفية لو أنني زرته حاملا له رسالة من والده... لكن المشكلة تكمن في أنني أعاني من عقدة نفسية إسمها الجندية فأشعربالوحدة العسكرية كما لو أنها جهنم حتى لو كانت على مشارف بيتي وليس فيجبهات الحرب العبثية التي أوقد مطيحان نارها ليذيب الجليد المتجمد فيعروقه ... عروقه التي لا تختلف كثيرا عن مواسير الصرف الصحي !



    أرجو ألآ يُفهم من كلامي هذا أن الجندية بمثابة اصطبل بشري ... انها مصنعالرجال حسب اعتقاد أبي رحمه الله في وصفه فترة خدمته العسكرية قبل عقودعديدة ... فقد كان للجندية قديما شرفها وتقاليدها وفروسيتها ...أما في زمنمطيحان ، فإن لها عارها وفرائسيتها فأصبحت مهمة ووظيفة الجيش حماية السلطةوحراسة الرئيس وغلمانه وجواريه وأزواج بناته وأخواته وبقية أفراد عشيرتهالذين كانوا لصوص أغنام لولا الظروف غير الطبيعية التي جعلت من الشقاواتيمطيحان رئيسا لدولة الرايخشتاغ العفلقية وقائدا عاما لقواتها المسطحة ، لمتعد وظيفة الجيش حماية الوطن ومواطنيه .. اصبح سورا للحاكم بأمره وليسسورا للوطن . .. وإلآ هل يعقل أنَّ قادته لا يعرفون حقيقة أنّ مطيحان هوالذي اوقد فتيل الحرب ضد ايران نيابة عن أمريكا حين كان فتاها المدلل ؟ هليعقل ان هؤلاء القادة لا يعلمون ان مطيحان خصص لخبراء البنتاغون دارالضيافة رقم 7 داخل محيط القصر الجمهوري ؟ هل يعقل أنْ يعرف الجندي احتياطخره "مظلوم " بوجود الخبراء الامريكيين داخل محيط القصر الجمهوري ببغداد ،و هؤلاء القادة لا يعرفون ؟ لايمكن قطعا ... هاهو الجنرال " وفيقالسامرائي " يعلن صراحة عن وجود خبراء البنتاغون والسي آي إيه على مقربةمن غرفة العمليات العسكرية ببغداد ..



    ولكي أكون منصفا، فانني أعترف بأن للجندية بعض الفضائل ... فهي تعلمنا اشياء كثيرة لم نكننعرفها .. فأنا مثلا كنت بحاجة الى دورة تدريبية مدّتها اسبوع كامل لأتعلمطريقة صبغ البصطال وتلميعه دون أن أدفع فلسا واحدا ... والى دورة تدريبيةلمدة اسبوعين لأتعلم طريقة حلاقة لحيتي دون الاستعانة بمرآة ... فيالاسبوع الثاني من خدمتي العسكرية صرت أحلق لحيتي وأنا مغمض العينين ...وأصبح بمقدوري تلميع بصطالي دون الحاجة الى دهان وفرشاة ، أذ يمكن فيالحالات الطارئة والحرجة تلميع البصطال باستعمال حذاء الرأس " البيرية "وقليل من زيت الطبخ .. وإذا تعذر الحصول على زيت الطبخ فالإستعانة بقليلمن البصاق أو بقايا " مَرَق القصعة "...الجندية تُحفّزنا أحيانا علىالإبتكار .. فأنا الذي ابتكرت لجنود مفرزة التصليح طريقة شرب " الزحلاوي "و" المستكي" و" العصرية " وبيرة " فريدة ولاكر" خلال الواجب الوطني ـالمقدس حسب تعبير مطيحان ـ وأمام الضباط دون أن يشعروا .. خصوصا في الليل... تتلخص هذه الطريقة المبتكرة بوضع "حليب السباع او العسل المر " فيالزمزمية المربوطة الى النطاق او الحزام والمخفية تحت القمصلة ، ومن ثمتهيئة متر واحد من سلك كهربائي سميك ، يوضع طرف منه في الزمزمية ـ بعد نزعالأسلاك المعدنية منه ـ ويُمَدّ الطرف الثاني من تحت القميص وصولا الىالياقة ليكون قريبا من الفم ، بعد ذلك يبدأ المص ـ حسب حاجة الجمجمة وحسبنوعية الواجب الوطني ... وأحيانا حسب كثافة القصف الذي لا يسمع دويّهمطيحان وبقية افراد اسرته وغلمانهم وجواريهم وحاشيتهم ... قد لا اكونمبتكر هذه الطريقة في القوات المسطحة ... لكني بالتأكيد أول من ابتكرهالحل مشكلة " ابو مشتاق " في مفرزة تصليح آليات اللواء ، قبل شيوعها فيبقية سرايا وكتائب اللواء ، ومن ثم في وحدات اخرى جارة ، قبل اكتشاف امرها، فمُنِع علينا في المفرزة حمل الزمزمية في الليل خلال الواجب الوطني "المقدس حسب تعبير مطيحان كما أسلفت "

    شيء آخر تعلمناه في الجندية ، وهو : الكذب !!!

    إنّ الكذب هو الخيمة الكبيرة التي احتوتنا جميعا بدءا ً من ج ح خ ( جندياحتياط خره ) مظلوم ، وانتهاءً بالقائد الأعلى للقوات المسطحة ... كلناكاذبون ...الجندي والآمر معا ....كلنا ندعي أمام المسؤولين الرغبة في نيلشرف الشهادة في جبهات القتال ، بينما نحن ننتظر الإجازة الشهرية لنمارسهوايتنا داخل بيوتنا بشتم مطيحان والسخرية من قادسيته .. كلنا يتحدث فيالشارع عن الانتصارات العظيمة المزعومة ، بينما نحن الشهود على هزائمناالنكراء ...

    وحين تقودنا الحكومة كالخراف للتظاهر في الشوارعوالساحات العامة نصرخ " بالروح .. بالدم .. نفديك يا مطيحان " فإننا أمامزوجاتنا ، نصبّ أمطار الشتيمة عليه ـ وقد نبصق على صورته في التلفزيون ..( مرة من المرّات كنت أباوع عالتفزيون منتظر مسرحية شاهد ماشافش حاجة ،تاليها يطلع لي مطيحان يقلد الضباط أنواط الشجاعة ... آني ضجت .. رميتالتلفزيزن بالنعال ... همزين النعال إسفنج .. الله سِتَرْ .. لو ضاربهبالقندرة القبقلي كان انكسرت الشاشة )

    هاهو آمر لوائنا ، حينطلب منه قائد الفرقة الاستعداد لشن ّ هجوم معاكس ، يطلب منه الانتظار بعضالوقت زاعما ان نسبة هروب منتسبي لوائه بلغت خمسين بالمئة في حين كانتالنسبة قد تجاوزت الثمانين بالمئة حسب اعتراف النقيب سلمان آمر سريةاللواء ...

    كانت القيادة العامة للقوات المسطحة ألأكثر كذبا بينكل الكذابين ... ومع ذلك ' فإنها تعاقب بأشدّ العقوبات مَنْ يصدق أكاذيبهاويعمل وفقها :

    كان " محيسن معيوف "يقود سيارة الإسعاف وبداخلها ست جثث متفحمة ، لإيداعها في مركز إخلاء الخسائر في قاطع عمليات شرق البصرة ...

    إنتبهمحيسن الى البيان العسكري في نشرة أخبار الساعة الثامنة ، والذي جاء فيه ،أن خسائر الجيش العراقي في معارك يوم 21 ـ 7 ـ 83 كانت عطل دبابة واستشهادجندي واحد ... التفت محيسن الى زميله "عواد كاظم" قائلا :

    ـ آنهأخو صبرية يا عواد ... القيادة تكول خسائرنا جندي واحد ... وسيارتنا بيهاالان ستة ... يعني الخمسة البقية من الفرس المجوس وإحنه ناقليهم بالغلط ...

    أجابه عواد :

    ـيسلم لسانك يابو حمد ... احنه ناس ضعاف الحال .. ما بينا قوة وحيل للمشاكلوالسؤال والجواب ... اذا عرفت الحكومة إحنا ناقلين جنود ايرانيين ، تتهمنابحزب الدعوة وتصيرْ موتتنا عملْ شعبي .. توكل على الله يا بو حمد وارميخمس جثث .

    لم يُبق ِ محيسن في السيارة غير جثة واحدة بعد ان رمى خمس جثث متفحمة خلف السدة الترابية على مشارف مدينة البصرة ..

    المحكمة العسكرية السابعة حكمت على محيسن وعواد بالسجن سبع سنوات بتهمة التقصير بالواجب !

    سفلة .. يريدوني أدافع عنهم ... لا والله ما أدافع عنهم ... ما أدافع عنهملو تنكلب الدنيا .. شنو اللي حصّلته منهم غير التعذيب والفصل والإهانات ؟الله وكيل حرموني حتى من شهر العسل ... أشو نص شهر العسل قضيته بالأمن :الفطور مخلمة جلاليق .. والغِده تشريب راجديات وصوندات .. والعِشا دولمةطحلات لو برياني بوكسات وتفال وشتايم .. لازم أفرّ ... إيْ والله لازمأفرّ من الجيش ... آني حلفت بروح رجل خالتي : ما أدافع عن مطيحان وباقيالسرسرية ... ( هذا ليس جبنا ً مني ... لا ... هذا احتجاج ضد الفرس المجوس... إيْ نعم .. هذا احتجاج ... لأنني كتبت لصديقي مجيد كاظم جحيل برسالةخاصة : أنا سأفرّ من العسكرية احتجاجا على الفرس المجوس ولن أدافع عنمطيحان وسرسريته حتى يعيد لنا الفرس المجوس حقوقنا المشروعة في شط العربويعيدوا لنا عباية " حسنة ملص " ) .

    ***
    أفقتُ صباح اليوم ـ الثلاثاء ـ لأجد أن رغيف إجازتي لم يبق منه غير الفتات.. يتعيّن عليّ الإلتحاق بوحدتي في قاطع " ملهى النصر " بعد الغد .. تزامنهذا اليوم مع توزيع الرواتب .. فوجدتني عند الضحى أدلف إلى مكتب بريدالسماوة القريب من بيتي للسلام على زملائي وزميلاتي قبل أن أعرّج علىمديرية البريد والهاتف لاستلام راتبي ..
    فيمكتب بريد كل مكتب من مكاتب المدن العراقية جميعها ، توجد غرفة تسمى غرفة" الرقيب " تحتوي أجهزة تعمل بالأشعة ، يشغلها أحد أفراد الأمن ، تنحصرمهمته بفحص الرسائل الصادرة أو الواردة إلى المسؤولين خشية أن تكون ملغمةأو تتضمن كلاما نابيا .. رقيب الأمن يكاد يكون هو رئيس الدائرة الفعلي حتىلو كان مجرد شرطي لا رتبة له .. لمحني الرقيب " واسمه أبو رائد " فبادرنيبالسلام ... وحين ذهبت إلى مديرية البريد لاستلام راتبي فوجئت بمديردائرتي قد أوصى المحاسب بعدم تسليمي راتبي قبل مروري عليه ...
    أخبرني مديري " خضير عباس " أن مديرية أمن البلدة طلبت حضوري لأمر يتعلقبإعادتي للتدريس أو انتدابي من الجيش إلى دائرتي .. ( لم أكن مغفّلا ًفأصدّق .. ومع ذلك قررت الذهاب لقناعتي أنّ عدم ذهابي سيسبب لي متاعبلاضرورة لها ) .. المحاسب " سعيد طاهر " أعطاني راتبي وهو يقول : سأزعمأنني أعطيتك راتبك قبل تبليغ المدير بحجبه ريثما تعود من مديرية أمنالبلدة ..
    في مديرية أمن البلدة استقبلنيالسؤول بترحاب مصطنع .. سألني إن كنت أفضل شايا أو قهوة .. زعمت أنني لاأشرب كليهما .. عندها فتح ثلاجة صغيرة وقدّم لي علبة عصر مُحكمة الإغلاقفأخذتها .. ( الحقيقة أنا مدمن شاي وقهوة ... لكن صديقي " عزيز الشيخ "سبق له أن تناول شايا في هذا المكان فأصيب بالشلل بعد بضعة أيام ... قدتكون المصادفة هي التي أدت إلى تزامن الإصابة بعد استدعائه بأيام قليلة ..وقد تكون نتيجة الشاي المخلوط بالثاليوم ) .. بعد تقديمه علبة العصير وضعأمامي علبة سجائر سومر فزعمت أنني تركت التدخين من شهور ..
    ثم بدأ الحوار ... قال :
    ــ أنت مدرس ناجح وحديث عهد ٍ بالأبوة .. كما أنك شاعر ومحبوب في المدينة ..
    ــ شكرا لحسن ظنك ولطفك وجميل أخلاقك ..
    ــأقسم يا أستاذ أنني لا أجاملك .. أنت فعلا مدرس ناجح ومحبوب من قبل زملائكوطلابك وأهالي السماوة .. لهذا أريد مساعدتك وإعادتك للتدريس بصفة مشرفتربوي وربما سيتم تعيينك مديرا عاما للتربية .. وإذا أحببت أن تكون مديراللثقافة الجماهيرية فأعدك أنك ستكون ..
    ـــشكرا لمروءتك ومكارم أخلاقك .. لكن واجب الدفاع عن الوطن أهمّ عندي منالعودة للتدريس الان .. لنتحدث عن الموضوع بعد أن تنتهي الحرب ..
    ــلا ... الحزب والثورة بحاجة لجهود المخلصين .. لانريد التضحية بك في جبهاتالقتال ... إن المكان اللائق بك هو التدريس أو إدارة مديرية الثقافةالجماهيرية ..
    ــ سعادة الضابط .. أفصحْ : ما المطلوب ؟
    ــ نريدك أن تقوم بإعادة تنظيم الحزب الشيوعي في السماوة ..
    ــ لكنك تعرف أنني وقّعتُ على قرار يقضي بإعدامي في حالة ممارستي العمل السياسي .. كما أنني لم تعد لي أية علاقة بالحزب الشيوعي ..
    ــ نحن سنعيدك للحزب الشيوعي ..
    ــ ماذا ؟ أنتم تعيدونني للحزب الشيوعي ؟
    ــ نعم ... فقط أكتب طلبا موجها للحزب الشيوعي تطلب فيه إعادتك ونحن بدورنا سنوصل طلبك بطرقنا الخاصة ..
    ــ وما الغاية من ذلك ؟
    ــنريدك أن تبدأ التحرك بين صفوف الطلاب والمعلمين والمدرسين ومعرفة مَنْلديه الاستعداد للعمل في صفوف الحزب الشيوعي .. سنضع تحت يديك أموالاطائلة ونحن سنحميك .
    ــ وهل تعتقد أنني سأقوم بمهمة كهذه ؟
    ــأنا أريد مصلحتك ... فكر بالأمر جيدا .. لا تلتحق بوحدتك ونحن سنعالج أمرغيابك ريثما تتم الموافقة على إعادتك للتدريس أو انتدابك ..
    ــجدْ غيري سعادة الضابط ... أنا لا أصلح لمثل هذه المهمة فلا تتعبْ نفسكمعي ... عليّ الإلتحاق بوحدتي الان ... فهل تسمح لي بالخروج سيدي الضابط ؟
    خرجت وكأنّ عينيه تقولان لي : حسنا ... سنجعلك تدفع الثمن !
    ............
    .............
    ..............
    أيّ نظام دموي هذا الذي يتعمّد نصب الفخاخ للإيقاع بالأبرياء ؟ فكيف لا يكون حقدي عليه شكلا من أشكال التقرّب لله ؟
    أجزم أن القيادة العليا للنظام هي التي أوعزت لجميع مديريات الأمن بانتهاجهذه الأساليب الكيدية للإيقاع بالمواطنين ... فما الغرابة لو أقسمت أننيلن أوجه طلقة واحدة للجيش الإيراني حتى حين يكون على مشارف القصر الجمهوريببغداد حيث يتحصّن مطيحان في ملجئه السري محاطا بسرب العواهر اللواتي حرصلطيف نصيف جاسم على جلبهن للترويح عن قائده باعتباره الديك الوحيد بيندجاج مجلس وزرائه ، والثور الوحيد بين أبقار مجلس قيادة النكبة والقيادتينالقطرية والقومية لحزب دولة رايخشتاغ زعران العوجا ؟

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 1:21 am