يرجع الفضل إلى مؤسسموقع «ويكيليكس» في معرفتنا بأن حكوماتنا تمارس سياسات يمكن أن تعرضناوعائلاتنا للخطر الداهم. وقد أخبرنا «ويكيليكس» بأنهم شنوا حرباً بصورةسرية على دولة مسلمة أخرى، وأباحوا التعذيب، واختطفوا الأبرياء من الناسمن شوارع الدول الحرة وأجبروا الشرطة على تغطية ذلك والتستر على مقتل 15الف مدني اي ما يعادل خمسة اضعاف ما قتل في حادثة 11 سبتمبر. وأدت كلواحدة من هذه الأفعال الى تزايد اعداد الجهاديين. ونستطيع تغيير هذهالسياسات في حالة واحدة فقط وهي اذا عرفناها، وجوليان أسانغ مؤسس موقع«ويكيليكس» قدم لنا إثباتاً لا يرقى إليه اللبس.
وكانت كل وثيقة نشرها«ويكيليكس» قد تمت دراستها بعناية لضمان اهتمام العامة بها كثيراً عندنشرها. ومن ضمن 250 ألف وثيقة أفرج عنها الموقع، لم يتم نشر الا نحو 1000منها، وأي من هذه المعلومات تحمل اسماء يمكن أن تتعرض للخطر كانت تتمإزالتها. والمعلومات التي تم نشرها تغطي مناطق، تقوم حكوماتنا بتحدي إرادةمواطنيها.
وفي ما يلي بعضالأمثلة: كانت حكومة الرئيس باراك اوباما تنكر انها وسعت الحرب الحاليةالى دولة اخرى هي اليمن. ولكننا نعرف الآن ان هذه مجرد كذبة، ويقدر خبيرمكافحة الإرهاب ديفيد كالكولين، الذي ظل مستشاراً للجنرال بيترايوس حتىوقت قريب، انه امام كل جهادي يقتل في قصف اليمن فإنه يموت 50 آخرون منالأبرياء، وكيف يمكن ان تكون ردة فعلنا اذا كان ذلك يحدث في بريطانيا، ماعدد الذين سيصابون بالجنون منا ويصرون على القتال والدفاع، حتى ضد نساءواطفال الطرف الآخر؟ وفي حقيقة الأمر فإن عمليات القصف التي تهدف الىالقضاء عل الجهاديين مثل التدخين من أجل القضاء على سرطان الرئة، انه علاجمن شأنه ان يفاقم المرض.
وأخبرتنا حكومتاالولايات المتحدة وبريطانيا بأنهما غزتا العراق لأنه كان يثير الرعب، وانالحكومة العراقية عذبت مواطنيها، كما ذكر توني بلير مراراً وتكراراً أن«غرف تعذيب صدام حسين » هي التي دفعته الى الحرب. ومع ذلك فإن هذه الوثائقالمتسربة تظهر انه حالما تصبح حكومتنا في السلطة، فإن سياسة الحرقوالصدمات الكهربائية والاغتصاب، تبدأ من جديد.
لقد وُلد التطرف فيغرف التعذيب في مصر في خمسينات القرن الماضي، حدث الكثير منه في غرفالتعذيب في بغداد بعد عام .2003 وقد انفجر بعضه في شوارعنا، وكانت محاولةالتفجير في مطار غلاسكو من قبل عراقي قال انهم كانوا يقاومون استخدامالتعذيب في بلدهم . وسيكون هناك المزيد.
وتكشف الوثائق كيف انهذا المصاب والغضب القاتل انتشر عبر العالم الإسلامي بينما ننشر الأكاذيبعنه. وهذا مثال واحد فقط: قصف الجنود الأميركيون قرية افغانية تدعى «عزيزآباد» وقتلوا 95 شخصاً، منهم 50 من الأطفال.
ولم يكن اي منهم من«القاعدة» او حتى من «طالبان». وأدركوا ما اقترفت أيديهم، ومع ذلك أصرواعلى القول انهم قتلوا مسلحين واتهموا قرويين أفغاناً محليين بأنهم «لفقواأدلة لجعل الأمر يبدو مجزرة في المدنيين».
وكشف موقع «ويكيليكس»عن أن حكوماتنا تعرف دولاً تدعم الإرهاب، ولكنهم يواصلون التعامل معهالأنها من حلفائهم. وأظهر أيضاً احتقار حكوماتنا المرعب للديمقراطية ايضا.وعندما تم اختطاف رئيس الهندوراس مانويل زيلاي من قبل يمينيين متطرفين،لأنه رفع الحد الأدنى للأجور وأعاد توزيع الثروة على الفقراء، أكدتالسفارة الأميركية سراً أن ذلك كان «غير شرعي»، ولكن الإدارة الأميركية لمتعلن ذلك على الملأ وإنما حثت الحكم العسكري على المصالحة، مع اندبلوماسييها قالوا ان ذلك غير شرعي.
واما بالنسبةللسياسيين البريطانيين، فان الوثائق المنشورة قدمت صفعة على الوجه كانوافي حاجة إليها منذ أمد بعيد. وتقوم حكومات متعاقبة من مختلف الأحزاب بدعمالسياسات الأميركية لأنهم يعتقدون ان لنا نفوذاً على الأميركيين، ولكن هذهالوثائق المنشورة تظهر ان الأخيرين يضحكون على البريطانيين وعلى تملقهم.
ويرفض معظم الناس فيالولايات المتحدة وبريطانيا هذه السياسات، ونحن في الواقع افضل منسياسيينا، ولكن يمكننا ان نوقفهم عند حدهم، ونوقف الخطر الذي يسببونهللأبرياء في جميع انحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة .وتمكن أسانغمن أن يجعل ذلك ممكناً، وإن كان ذلك ينطوي على خطر كبير على حريته وحياته.وبناء عليه فإنها خطوة تعزز أمننا القومي. وبالطبع هناك من يقول ان «يديهملطختان بالدماء»، ولكن ما الدليل على ذلك؟ فقد انقضت اشهر عدة الآن منذان تم نشر الوثائق الأولى وليس هناك شخص واحد تعرض للتهديد نتيجة لنشر هذهالوثائق. باستثناء أسانغ نفسه، الذي يحرض على قتله العديد من السياسيينالأميركيين.
ثمة مفارقة قذرة عندما ترى أشخاصاً يقصفون الأبرياء ويقتلونهم كل يوم، ويصفون شخصاً لم يلمس أسلحة طيلة حياته بأنه «ملطخ بالدماء».
وبالطبع، فإن أسانغيمكن ان يكون قد فعل هذا الأمر الجيد والنبيل ويكون قد ارتكب فعلالاغتصاب. ولا اعتقد رفض أي تهمة اغتصاب تدعيها اي امرأة، وفي أي ظرف.وكان الرئيس الأميركي بيل كلينتون ضحية حملة تلطيخ قام بها اليمين،والعديد منا رفض تهم الاعتداء الجنسي الموجهة ضده. ونحن نعرف ان المخابراتالمركزية الأميركية تتسم بتاريخ طويل من تلطيخ الأشخاص الذين يحاولونالوقوف في وجه الولايات المتحدة، وهناك فرصة قوية ان تكون هذه الحملة ضدأسانغ، واحدة اخرى من قضاياها.
هناك فرصة جديدةلديهم، ان يتحول العديد من الأشخاص الرائعين الى مغتصبين، وهناك فرصة انيكون أسانغ في مقدمتهم. وهذا يجب اكتشافه في المحاكم القانونية، وتجبمراقبة المحكمة بحذر للتأكد انها ليست بدوافع تهديد او رشوة. وبغض النظرعما سيكون الحكم، فإننا لن ننسى الحقائق العظيمة التي قدمها لنا جوليانأسانغ
ترجمة: حسن عبده حسن عن «الإندبندنت»