استبعدعدد من السياسيين العرب الذين استطلعت "العربية.نت" آراءهم أن تكون هناكرغبة رسمية في الولايات المتحدة الأمريكية وراء تسريب وثائق "ويكيليكس"،التي نشرت أخيراً، وسببت حرجاً شديداً للكثير من دول العالم.
كما سجل عدد من المحلليين ملاحظات حول مسار هذه الوثائق واعتبروها فيجوانب عدة " انتقائية" وتصب في جانب واحد وهو خدمة إسرائيل وأمريكا،والتركيز على الجوانب السلبية تجاه العرب.
وكان أغلب قراء "العربية.نت" أكدوا خلال الاستفتاء الأسبوعي، الذي شاركفيه 23,225 شخصاً، حول قضية نشر موقع "ويكيليكس" آلاف الوثائق السرية، أنالسبب وراءها رغبة رسمية في تسريب معلومات بعينها.
نتائج الاستفتاء
وذكرت نسبة 60% ممنشاركوا في الاستفتاء، وناهز عددهم 13 ألفاً، أن السبب وراء نشر "ويكيليكس"آلاف الوثائق السرية هو تسريبات رسمية مقصودة، بينما قالت نسبة 19% منالمشاركين، أي ما يقارب 5 آلاف صوت، إن سببها ضعف في أنظمة السرية، حيثبدأت وزارة الخارجية الأمريكية مراجعة إجراءات الأمن الخاصة بالحفاظ علىوثائقها عقب عملية التسريب.
في حين أرجع 16% من المصوتين، أي ما يقارب 4 آلاف صوت، التسريب إلى وجودفساد داخل الإدارة الأمريكية من خلال عناصر أمكن تجنيدها. بينما ذهب 5% منالمشاركين، أي نحو ألف صوت، إلى أن القرصنة الإلكترونية كانت هي العاملالحاسم وراء النجاح في الحصول على تلك المعلومات عبر عمليات اختراق لأنظمةحكومية.
موقف إيران من الوثائق
مشاري الذايدي
ورفض الكاتب السياسيفي جريدة "الشرق الأوسط"، مشاري الذايدي، الحكم المبكر على طبيعة تسريباتويكيليكس، والجزم بأنها تسريبات مقصودة (كما قال بذلك 60% من قراء"العربية.نت")، وطالب بالمزيد من الصبر حتى اكتمال نشر بقية الوثائق التييقول مؤسس الموقع جوليان أسانج إن لديه أكثر بكثير مما نشر.
وقال الذايدي في حديثه لـ"العربية.نت": "من الصعب الجزم بحقيقة الأمر..فالقضية في مجملها سياسية، ولهذا نجد أن المستفيدين مما احتوته الوثائقأشادوا بها ومن ورد ذكرهم فيها بشكل سيئ في بلادهم قالوا إنها غير حقيقيةوانتقدوها"، وأضاف: "لنر موقف إيران على سبيل المثال.. فلأن إيران لا تريدأن تدخل في مواجهة مفتوحة وصريحة مع الدول العربية قالت إنها وثائقمزورة.. فإيران لا تستطيع احتمال مثل هذه المواجهة لهذا شككت فيمصداقيتها".
وشدد على أن ما ظهر من الوثائق هو القليل منها ويجب انتظار اكتمالالتسريبات لإصدار حكم كامل على الأمر، قائلاً: "من المبكر إصدار الأحكام..فما نشر من الوثائق هو جزء يسير منها، وبحسب القائمين على الموقع فإن هناكأضعافاً مضاعفه منها.. وأستغرب من يقول إن إسرائيل لم ترد في الوثائقفمازال هناك الكثير منها لم ينشر.. وما شاهدناه منها هو فقط رأس جبلالجليد.. وعلينا ان ننتظر قليلاً حتى تكتمل الصورة أكثر".
وأكد الذايدي أن نظرية المؤامرة ستظل موجودة ولا يمكن التحكم فيها: "لاأستطيع أن أقول إن الوثائق سربت بمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية أو ضدرغبتها.. فهذا يبقى احتمال ولكن يظل في إطار التحليل وليس المعلومة.. ولادليل أو برهان على ذلك، فهي ستظل نظرية تحليلية كما هي نظرية اغتيالالرئيس الأمريكي السابق جون كيندي أو تفجيرات 11/9 وغيرها"..
وأكمل قائلاً: "القائمون على الإعلام الجديد، مثل ويكيليكس وغيره، يرونأنه يجب فضح الحكومات والشركات الكبيرة التي لديها ما تخفيه.. وهم يعتقدونأن من حق الجمهور أن يعلم، ولو نظرنا إلى أول التسريبات التي قام بهاالموقع كانت ضد الحزب اليمني المتطرف في إنجلترا فقام بنشر أسماء القائمينعليه وحساباتهم البنكية.. وكان المستفيدون من هذه التسريبات هم المسلمونلكون هذا الحزب ضد الإسلام.. ثم قام الموقع في هذا العام بتسريب وثائقأمريكي عسكرية وسرية حول الانتهاكات التي قام بها الجيش الأمريكي فيالعراق وأفغانستان، وكان العرب والمسلمون هم المستفيدون منها.. فلماذا لمتظهر نظرية المؤامرة إلا الآن عندما تضرر بعض العرب منها. هذا هو السؤال".
ويختم الذايدي: "أعتقد أنه حكم غير موضوعي، والدليل أن السلطات فيالولايات المتحدة وأوروبا تلاحق القائمين على الموقع، واعتقلوا بالفعلجوليان أسانج وإن كان بجريمة أخرى".
الوثائق تجاهلت الحديث عن إسرائيل
رضوان السيد
من جهته، قال الباحثوالكاتب اللبناني رضوان السيد إن نشر الوثائق السرية على ويكليكس لم يكنمقصوداً مثلما يعتبره البعض لأنه جنى خسائر كبيرة للولايات المتحدة التيتسير على استراتيجية عالمية، مشدداً أنه "لا يرغب أي بلد بفعل ما يضرهويكشف مداولاته مع حلفائه أمام العالم".
وأكد السيد ضرورة الاهتمام بالفرق بين الوثائق التي نقلت تصريحات لمسؤولينوبين الآراء التي وجهها سفراء الولايات المتحدة الامريكية الى واشنطن،قائلاً: "إن هذه الآراء لا يمكن أن نعتبرها صائبة بل حملت تحليلات خاطئةفي بعض الأحيان". مشيراً الى وثيقة عبرت عن توجهات حزب سياسي في ألمانيااعتبر أن الولايات المتحدة تقوم بتخزين صواريخ تحمل رؤوساً نووية في مناطقسكنية داخل الأراضي الألمانية.
وأضاف رضوان السيد أن "الوثائق ركزت على قضايا الشرق الأوسط لكن لم تتطرقالى إسرائيل الأمر الذي جعلها تستغل الحدث للترويج الى أن البلدان العربيةتهتم بقلقها من إيران أكثر من موقفها من إسرائيل، ورأت نفسها في ظرف مناسبللاستمرار بسياساتها مثل بناء المستوطنات".
"ويكيليكس" سيجعل المسؤولين العرب أكثر محافظة
رفيق خوري
أما المحلل السياسياللبناني رفيق خوري فقد اعتبر أن ما قام به موقع ويكليكس سيؤدي الى تحويلالارتباط بين البلدان المختلفة الى ارتباط بين أجهزة المخابرات خشية تسريبمعلومات أخرى تؤدي إلى إحراج مسؤولي البلدان المختلفة.
وأكد أن وزارات الخارجية تنشر عادة معلومات عن علاقاتها مع البلدانالمختلفة بعد مرور سنين طويلة، لكن ما أثاره ويكيلكس يتعلق بالوقت الراهنوفترة حكم مسؤولين لا يزالون في السلطة، خاصة أن ما نشر يتناقض معالتوجهات المعلنة للبلدان التي سلط الموقع الضوء عليها.
ورأى خوري أن نشر الوثائق سبب "نكسة كبيرة" للولايات المتحدة الامريكية،وأنها ستواجه صعوبة في "إقناع أصدقائها العرب لتفادي تسريب مثل هذهالوثائق مستقبلاً". قائلاً "إن المسؤولين العرب أخذوا يتبنون مواقف محافظةفي اللقاءات الدبلوماسية مع المسؤولين الامريكيين".
وأكد أن "الولايات المتحدة الامريكية تحتاج الى مرور فترة طويلة لاجتيازالمشاكل التي سببها ويكليكس قائلاً: "إنها لا تستطيع حتى ملاحقة مؤسسويكيليكس جوليان أسانج قضائياً لأنه لم يسرق الوثائق بل حصل عليها منعناصر تعمل في الإدارة الامريكية".
وقال إن "مواقف البلدان وتوجهاتها ستنقل بشكل مباشر في ظل الوضع الراهنالذي أحرج الكثير من المسؤولين العرب والأمريكيين وسيتحول الارتباط بينأجهزة المخابرات لتفادي تسريب مثل هذه المعلومات.
استبعاد نظرية المؤامرة
يوسف الكويلت
من جهته، لا يعتقدالكاتب السياسي السعودي نائب رئيس تحرير جريدة "الرياض"، يوسف الكويلت، أنتكون التسريبات التي قام بها موقع ويكيليكس متعمدة لأهداف سياسية ويراهنبذلك على خطورة التسريبات ذاتها على الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال في حديثه لـ"العربية.نت": "لا أعتقد أنها تسريبات مقصودة وإلا لمالاحقت الولايات المتحدة الأمريكية الرجل.. فالمعلومات سرقت بطريقة تقنيةمتفوقة عبر التلصص على الهواتف الذكية التي تستخدمها الولايات المتحدةالأمريكية للاتصال مع سفاراتها المختلفة".
وتابع: "ما الهدف الذي سترتجيه الولايات المتحدة الأمريكية من إفسادعلاقتها مع الدول الأخرى وبالذات مع زعماء تلك الدول.. هذا الأمر سيلحقضرراً كبيراً بالسياسة الأمريكية"، مضيفاً: "هناك تخوف أمريكي من أن تكونأستراليا أو روسيا أو الصين هي من خلف هذه التسريبات، خاصة أنه لا يمكنالقول إن هناك معلومات قد تمر عبر الهواتف وتكون سرية، فالهكرز منتشرون فيكل مكان بغض النظر عن قدرات الدول التقنية، فالكل قادر على الوصول إلىالمعلومات إن توفرت له تقنية خاصة.. ولا تهم الملاحقات القانونية بعد نشرالوثائق؛ لأن الضر قد وقع، والآن نشاهد أن جوليان أسانج ملاحق بتهمةالاغتصاب مع أنه كان يتنقل بحرية في مختلف دول العالم دون أن توجه له أيتهمة ولكن الآن يلاحق قانونياً بعد أن نشر تلك الوثائق".
ورفض الكويليت تبرير نظرية المؤامرة بخلو الوثائق مما يمس إسرائيل وقال:"أولاً لم تنشر كل الوثائق ومازال هناك الآلاف منها في طريقه للنشر،وعلينا أن ننتظر إلى أن نقرأها.. ومن ثم إصدار الحكم النهائي".
بين أحمد عز وجوليان أسانج
د. مأمون فندي
وفي تحليله لوثائقويكيليكس يرى د. مأمون فندي، الكاتب السياسي المعروف، صدق الحس الشعبي بأنهذه الوثائق مسربة؛ لأن - وفق ما يقوله د. فندي لـ"العربية.نت" - معظمالتسريبات الأمريكية في مثل هذا النوع لا يعبر عن خلل في النظام الأمريكيمن حيث تأمين هذه الوثائق، لكنه ينتج عن قوى متصارعة داخل النظام الأمريكيفتلجأ بعض هذه القوى للرأي العام لإحداث نوع من التوازن في السياسةالأمريكية".
ويؤكد فندي، الذي سينشر مقالا عن هذه الرؤية يوم الاثنين المقبل، أن "أبرزما كشفته هذه الوثائق أنها أعطتنا إحساساً جديداً بالزمن، وحرك جوليانأسانج عجلة الزمن، فعادة تخرج أي وثائق سرية بعد وقوع أحداثها بـ30 عاماًعلى الأقل، لكن ما حدث في وثائق ويكيليكس أنها نقلت إلينا أحداثاً منذ عامأو عامين، فمن الطبيعي وفق الدورة الزمنية لمثل هذه الوثائق ألا نتعرف إلىما جاء فيها إلا بعد أن يبلغ الشاب الثلاثيني اليوم عامه الستين، لكن أنيرى شباب اليوم الذين عاشوا أحداث وثائق ويكيليكس قبل عامين موثقة فهذهنقلة نوعية وإحساس جديد بالزمن".
وهنا يقارن د. فندي في تحليله لوثائق ويكليكس في هذه النقلة النوعية للزمنبين أسانج مسرب وثائق ويكليكس الذي تقدم بالزمن أكثر من 30 عاماً مرةواحدة، وبين أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم مهندس عملياتالانتخابات التشريعية المصرية الأخيرة، و"كيف عاد بالزمن 60 عاماً الىالوراء، أي الى الاتحاد الاشتراكي وعهد الحزب الواحد، حيث حقق أحمد عزقفزة زمنية هائلة، ولكن الى الوراء بتشكيل مجلس شعب من حزب واحد من خلالما قرأناه من تقارير رقابية عن عمليات تزوير لبطاقات الترشيح وتسويدبالجملة لصالح مرشحي الحزب الوطني، في حين قفز بنا أسانج قفزة هائلة الىالأمام بالتقدم في عمر تسريب الوثائق 30 عاماً مرة واحدة".
وهنا يخرج د. مأمون فندي من خلال هذه المقارنة بنتيجة تؤكد مدى الفجوة الزمنية التي نحتاجها في بلدان الشرق الأوسط للتقدم.
وعن تأثير هذه الوثائق دولياً وأمريكياً يقول فندي: "غالباً في مثل هذهالوثائق لا تؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية، ولا تعكس كيفية اتخاذالقرارات في الخارجية الأمريكية، فهي لا تستفيد بها معلوماتياً، مثل السيآي أيه، ولكن المؤكد أن هذه التسريبات ستؤثر في النظام الأمريكي، فهي إماستجعله أكثر شفافية أو أكثر انغلاقاً".
أما على المستوى الدولي والعربي فيرى د. فندي "أنه ليس في كل ما تم تسريبهما لا يعرفه الناس ولا يدركه الحس الشعبي، فكل ما قيل كان يعرفه الناسبحدسها الطبيعي، ولكن ويكيليكس قدم لهم الدليل والوثيقة، فالجماهير قادرةبفهمها على استنباط كل ما جاء في الوثائق، وفي اعتقادي أن تأثير هذهالوثائق على المجتمعات العربية أنها ستؤدي الى مزيد من الانغلاق وحالة منالارتباك في العلاقات".
حالة فصام سياسي في العالم العربي
د. عمار علي الحسن
ويرى د. عمار عليحسن، الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي، "أن أبرز ما أفرزته هذهالوثائق حتى الآن أنها عززت الصورة النمطية للشعوب العربية عن حكامها، منأنهم تابعون للإدراة الأمريكية، كما أنها كشفت لهذه الشعوب أن ما يصدر منقرارات من قبل حكامهم ليست قرارات وطنية، بل ربما اكتشفت هذه الشعوب أنبعض الحكام قد يضحون بمثل هذه المصالح الوطنية من أجل بقائهم على سدةالسلطة".
ويضيف د. عمار علي حسن في حديثه لـ"العربية.نت" تعليقاً على تسريباتويكيليكس "أن هذه الوثائق كشفت حالة الفصام السياسي في العالم العربي، حيثكشفت أن ما يقال ليس هو ما يتم عمله من قبل الحكام".
وعن رأيه في الرؤية الشعبية لهذه الوثائق بكونها تسريبات مقصودة يقول د.حسن: "وارد جداً أن تكون مسربة عمداً فهناك عدة أسباب تؤيد هذا الحسالشعبي، أولها الانتقائية التي تمت في هذه الوثائق، فما نشر حتى الآن يصبفي اتجاه واحد وهو خدمة إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية، حيث أظهرتهذه الوثائق حقائق كثيرة عما كان يفعله الجمهوريون في العالم العربي، ومثلهذه الانتقائية لا يفعلها سوى عقل مدبر ومن داخل البيت الواحد".
ويضيف "ومن الأسباب التي تعزز فكرة تسريب هذه الوثائق عمداً الأوضاع داخلالولايات المتحدة نفسها؛ فالإدارة الحالية تتعرض لانتقادات داخلية كبيرةمن قبل الجمهوريين ويتهمونها بالتراخي خارجياً والفشل داخلياً، وبالتاليفإن الادارة الحالية تكشف عورات الإدارة السابقة والتخريب الذي تسببت بهلتقول للرأي العام الأمريكي والعالمي إنهم معذورون ويحتاجون بعض الوقت لأنالعبء ثقيل على الإدارة الحالية".
أسانج رهن الاعتقال
جوليان اسانج
ومن الروابات التيتنسج حول جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس على الانترنت، بأنه حادالذكاء، وحاسم وعاطفي، وأحيانا مصاب بجنون الشك والأرتياب، وقد أعلنتالحكومة البريطانية إنها ألقت القبض عليه بناء على أمر اعتقال أوروبيأصدرته السويد.
لد أسانج في يوليو/تموز 1971 ببلدة تاونزفيل على ساحل ولاية كوينزلاندالأسترالية وقضى حياته في السفر وكان والداه يعملان في المسرح ودائميالترحال.
وفي مرحلة المراهقة اشتهر أسانج بأنه مبرمج كمبيوتر ماهر قبل أن يعتقل عام1995 ويقر بالاختراق الإلكتروني ولم يسجن بشرط ألا يكرر ارتكاب الجريمة.
وفي أواخر العشرينات من عمره التحق بجامعة ملبورن لدراسة الرياضياتوالفيزياء. وأسس أسانج موقع ويكيليكس عام 2006 وأتاح لكل من لديه وثيقةيريد تسريبها مكاناً على الموقع.
كما سجل عدد من المحلليين ملاحظات حول مسار هذه الوثائق واعتبروها فيجوانب عدة " انتقائية" وتصب في جانب واحد وهو خدمة إسرائيل وأمريكا،والتركيز على الجوانب السلبية تجاه العرب.
وكان أغلب قراء "العربية.نت" أكدوا خلال الاستفتاء الأسبوعي، الذي شاركفيه 23,225 شخصاً، حول قضية نشر موقع "ويكيليكس" آلاف الوثائق السرية، أنالسبب وراءها رغبة رسمية في تسريب معلومات بعينها.
نتائج الاستفتاء
وذكرت نسبة 60% ممنشاركوا في الاستفتاء، وناهز عددهم 13 ألفاً، أن السبب وراء نشر "ويكيليكس"آلاف الوثائق السرية هو تسريبات رسمية مقصودة، بينما قالت نسبة 19% منالمشاركين، أي ما يقارب 5 آلاف صوت، إن سببها ضعف في أنظمة السرية، حيثبدأت وزارة الخارجية الأمريكية مراجعة إجراءات الأمن الخاصة بالحفاظ علىوثائقها عقب عملية التسريب.
في حين أرجع 16% من المصوتين، أي ما يقارب 4 آلاف صوت، التسريب إلى وجودفساد داخل الإدارة الأمريكية من خلال عناصر أمكن تجنيدها. بينما ذهب 5% منالمشاركين، أي نحو ألف صوت، إلى أن القرصنة الإلكترونية كانت هي العاملالحاسم وراء النجاح في الحصول على تلك المعلومات عبر عمليات اختراق لأنظمةحكومية.
موقف إيران من الوثائق
مشاري الذايدي
ورفض الكاتب السياسيفي جريدة "الشرق الأوسط"، مشاري الذايدي، الحكم المبكر على طبيعة تسريباتويكيليكس، والجزم بأنها تسريبات مقصودة (كما قال بذلك 60% من قراء"العربية.نت")، وطالب بالمزيد من الصبر حتى اكتمال نشر بقية الوثائق التييقول مؤسس الموقع جوليان أسانج إن لديه أكثر بكثير مما نشر.
وقال الذايدي في حديثه لـ"العربية.نت": "من الصعب الجزم بحقيقة الأمر..فالقضية في مجملها سياسية، ولهذا نجد أن المستفيدين مما احتوته الوثائقأشادوا بها ومن ورد ذكرهم فيها بشكل سيئ في بلادهم قالوا إنها غير حقيقيةوانتقدوها"، وأضاف: "لنر موقف إيران على سبيل المثال.. فلأن إيران لا تريدأن تدخل في مواجهة مفتوحة وصريحة مع الدول العربية قالت إنها وثائقمزورة.. فإيران لا تستطيع احتمال مثل هذه المواجهة لهذا شككت فيمصداقيتها".
وشدد على أن ما ظهر من الوثائق هو القليل منها ويجب انتظار اكتمالالتسريبات لإصدار حكم كامل على الأمر، قائلاً: "من المبكر إصدار الأحكام..فما نشر من الوثائق هو جزء يسير منها، وبحسب القائمين على الموقع فإن هناكأضعافاً مضاعفه منها.. وأستغرب من يقول إن إسرائيل لم ترد في الوثائقفمازال هناك الكثير منها لم ينشر.. وما شاهدناه منها هو فقط رأس جبلالجليد.. وعلينا ان ننتظر قليلاً حتى تكتمل الصورة أكثر".
وأكد الذايدي أن نظرية المؤامرة ستظل موجودة ولا يمكن التحكم فيها: "لاأستطيع أن أقول إن الوثائق سربت بمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية أو ضدرغبتها.. فهذا يبقى احتمال ولكن يظل في إطار التحليل وليس المعلومة.. ولادليل أو برهان على ذلك، فهي ستظل نظرية تحليلية كما هي نظرية اغتيالالرئيس الأمريكي السابق جون كيندي أو تفجيرات 11/9 وغيرها"..
وأكمل قائلاً: "القائمون على الإعلام الجديد، مثل ويكيليكس وغيره، يرونأنه يجب فضح الحكومات والشركات الكبيرة التي لديها ما تخفيه.. وهم يعتقدونأن من حق الجمهور أن يعلم، ولو نظرنا إلى أول التسريبات التي قام بهاالموقع كانت ضد الحزب اليمني المتطرف في إنجلترا فقام بنشر أسماء القائمينعليه وحساباتهم البنكية.. وكان المستفيدون من هذه التسريبات هم المسلمونلكون هذا الحزب ضد الإسلام.. ثم قام الموقع في هذا العام بتسريب وثائقأمريكي عسكرية وسرية حول الانتهاكات التي قام بها الجيش الأمريكي فيالعراق وأفغانستان، وكان العرب والمسلمون هم المستفيدون منها.. فلماذا لمتظهر نظرية المؤامرة إلا الآن عندما تضرر بعض العرب منها. هذا هو السؤال".
ويختم الذايدي: "أعتقد أنه حكم غير موضوعي، والدليل أن السلطات فيالولايات المتحدة وأوروبا تلاحق القائمين على الموقع، واعتقلوا بالفعلجوليان أسانج وإن كان بجريمة أخرى".
الوثائق تجاهلت الحديث عن إسرائيل
رضوان السيد
من جهته، قال الباحثوالكاتب اللبناني رضوان السيد إن نشر الوثائق السرية على ويكليكس لم يكنمقصوداً مثلما يعتبره البعض لأنه جنى خسائر كبيرة للولايات المتحدة التيتسير على استراتيجية عالمية، مشدداً أنه "لا يرغب أي بلد بفعل ما يضرهويكشف مداولاته مع حلفائه أمام العالم".
وأكد السيد ضرورة الاهتمام بالفرق بين الوثائق التي نقلت تصريحات لمسؤولينوبين الآراء التي وجهها سفراء الولايات المتحدة الامريكية الى واشنطن،قائلاً: "إن هذه الآراء لا يمكن أن نعتبرها صائبة بل حملت تحليلات خاطئةفي بعض الأحيان". مشيراً الى وثيقة عبرت عن توجهات حزب سياسي في ألمانيااعتبر أن الولايات المتحدة تقوم بتخزين صواريخ تحمل رؤوساً نووية في مناطقسكنية داخل الأراضي الألمانية.
وأضاف رضوان السيد أن "الوثائق ركزت على قضايا الشرق الأوسط لكن لم تتطرقالى إسرائيل الأمر الذي جعلها تستغل الحدث للترويج الى أن البلدان العربيةتهتم بقلقها من إيران أكثر من موقفها من إسرائيل، ورأت نفسها في ظرف مناسبللاستمرار بسياساتها مثل بناء المستوطنات".
"ويكيليكس" سيجعل المسؤولين العرب أكثر محافظة
رفيق خوري
أما المحلل السياسياللبناني رفيق خوري فقد اعتبر أن ما قام به موقع ويكليكس سيؤدي الى تحويلالارتباط بين البلدان المختلفة الى ارتباط بين أجهزة المخابرات خشية تسريبمعلومات أخرى تؤدي إلى إحراج مسؤولي البلدان المختلفة.
وأكد أن وزارات الخارجية تنشر عادة معلومات عن علاقاتها مع البلدانالمختلفة بعد مرور سنين طويلة، لكن ما أثاره ويكيلكس يتعلق بالوقت الراهنوفترة حكم مسؤولين لا يزالون في السلطة، خاصة أن ما نشر يتناقض معالتوجهات المعلنة للبلدان التي سلط الموقع الضوء عليها.
ورأى خوري أن نشر الوثائق سبب "نكسة كبيرة" للولايات المتحدة الامريكية،وأنها ستواجه صعوبة في "إقناع أصدقائها العرب لتفادي تسريب مثل هذهالوثائق مستقبلاً". قائلاً "إن المسؤولين العرب أخذوا يتبنون مواقف محافظةفي اللقاءات الدبلوماسية مع المسؤولين الامريكيين".
وأكد أن "الولايات المتحدة الامريكية تحتاج الى مرور فترة طويلة لاجتيازالمشاكل التي سببها ويكليكس قائلاً: "إنها لا تستطيع حتى ملاحقة مؤسسويكيليكس جوليان أسانج قضائياً لأنه لم يسرق الوثائق بل حصل عليها منعناصر تعمل في الإدارة الامريكية".
وقال إن "مواقف البلدان وتوجهاتها ستنقل بشكل مباشر في ظل الوضع الراهنالذي أحرج الكثير من المسؤولين العرب والأمريكيين وسيتحول الارتباط بينأجهزة المخابرات لتفادي تسريب مثل هذه المعلومات.
استبعاد نظرية المؤامرة
يوسف الكويلت
من جهته، لا يعتقدالكاتب السياسي السعودي نائب رئيس تحرير جريدة "الرياض"، يوسف الكويلت، أنتكون التسريبات التي قام بها موقع ويكيليكس متعمدة لأهداف سياسية ويراهنبذلك على خطورة التسريبات ذاتها على الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال في حديثه لـ"العربية.نت": "لا أعتقد أنها تسريبات مقصودة وإلا لمالاحقت الولايات المتحدة الأمريكية الرجل.. فالمعلومات سرقت بطريقة تقنيةمتفوقة عبر التلصص على الهواتف الذكية التي تستخدمها الولايات المتحدةالأمريكية للاتصال مع سفاراتها المختلفة".
وتابع: "ما الهدف الذي سترتجيه الولايات المتحدة الأمريكية من إفسادعلاقتها مع الدول الأخرى وبالذات مع زعماء تلك الدول.. هذا الأمر سيلحقضرراً كبيراً بالسياسة الأمريكية"، مضيفاً: "هناك تخوف أمريكي من أن تكونأستراليا أو روسيا أو الصين هي من خلف هذه التسريبات، خاصة أنه لا يمكنالقول إن هناك معلومات قد تمر عبر الهواتف وتكون سرية، فالهكرز منتشرون فيكل مكان بغض النظر عن قدرات الدول التقنية، فالكل قادر على الوصول إلىالمعلومات إن توفرت له تقنية خاصة.. ولا تهم الملاحقات القانونية بعد نشرالوثائق؛ لأن الضر قد وقع، والآن نشاهد أن جوليان أسانج ملاحق بتهمةالاغتصاب مع أنه كان يتنقل بحرية في مختلف دول العالم دون أن توجه له أيتهمة ولكن الآن يلاحق قانونياً بعد أن نشر تلك الوثائق".
ورفض الكويليت تبرير نظرية المؤامرة بخلو الوثائق مما يمس إسرائيل وقال:"أولاً لم تنشر كل الوثائق ومازال هناك الآلاف منها في طريقه للنشر،وعلينا أن ننتظر إلى أن نقرأها.. ومن ثم إصدار الحكم النهائي".
بين أحمد عز وجوليان أسانج
د. مأمون فندي
وفي تحليله لوثائقويكيليكس يرى د. مأمون فندي، الكاتب السياسي المعروف، صدق الحس الشعبي بأنهذه الوثائق مسربة؛ لأن - وفق ما يقوله د. فندي لـ"العربية.نت" - معظمالتسريبات الأمريكية في مثل هذا النوع لا يعبر عن خلل في النظام الأمريكيمن حيث تأمين هذه الوثائق، لكنه ينتج عن قوى متصارعة داخل النظام الأمريكيفتلجأ بعض هذه القوى للرأي العام لإحداث نوع من التوازن في السياسةالأمريكية".
ويؤكد فندي، الذي سينشر مقالا عن هذه الرؤية يوم الاثنين المقبل، أن "أبرزما كشفته هذه الوثائق أنها أعطتنا إحساساً جديداً بالزمن، وحرك جوليانأسانج عجلة الزمن، فعادة تخرج أي وثائق سرية بعد وقوع أحداثها بـ30 عاماًعلى الأقل، لكن ما حدث في وثائق ويكيليكس أنها نقلت إلينا أحداثاً منذ عامأو عامين، فمن الطبيعي وفق الدورة الزمنية لمثل هذه الوثائق ألا نتعرف إلىما جاء فيها إلا بعد أن يبلغ الشاب الثلاثيني اليوم عامه الستين، لكن أنيرى شباب اليوم الذين عاشوا أحداث وثائق ويكيليكس قبل عامين موثقة فهذهنقلة نوعية وإحساس جديد بالزمن".
وهنا يقارن د. فندي في تحليله لوثائق ويكليكس في هذه النقلة النوعية للزمنبين أسانج مسرب وثائق ويكليكس الذي تقدم بالزمن أكثر من 30 عاماً مرةواحدة، وبين أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم مهندس عملياتالانتخابات التشريعية المصرية الأخيرة، و"كيف عاد بالزمن 60 عاماً الىالوراء، أي الى الاتحاد الاشتراكي وعهد الحزب الواحد، حيث حقق أحمد عزقفزة زمنية هائلة، ولكن الى الوراء بتشكيل مجلس شعب من حزب واحد من خلالما قرأناه من تقارير رقابية عن عمليات تزوير لبطاقات الترشيح وتسويدبالجملة لصالح مرشحي الحزب الوطني، في حين قفز بنا أسانج قفزة هائلة الىالأمام بالتقدم في عمر تسريب الوثائق 30 عاماً مرة واحدة".
وهنا يخرج د. مأمون فندي من خلال هذه المقارنة بنتيجة تؤكد مدى الفجوة الزمنية التي نحتاجها في بلدان الشرق الأوسط للتقدم.
وعن تأثير هذه الوثائق دولياً وأمريكياً يقول فندي: "غالباً في مثل هذهالوثائق لا تؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية، ولا تعكس كيفية اتخاذالقرارات في الخارجية الأمريكية، فهي لا تستفيد بها معلوماتياً، مثل السيآي أيه، ولكن المؤكد أن هذه التسريبات ستؤثر في النظام الأمريكي، فهي إماستجعله أكثر شفافية أو أكثر انغلاقاً".
أما على المستوى الدولي والعربي فيرى د. فندي "أنه ليس في كل ما تم تسريبهما لا يعرفه الناس ولا يدركه الحس الشعبي، فكل ما قيل كان يعرفه الناسبحدسها الطبيعي، ولكن ويكيليكس قدم لهم الدليل والوثيقة، فالجماهير قادرةبفهمها على استنباط كل ما جاء في الوثائق، وفي اعتقادي أن تأثير هذهالوثائق على المجتمعات العربية أنها ستؤدي الى مزيد من الانغلاق وحالة منالارتباك في العلاقات".
حالة فصام سياسي في العالم العربي
د. عمار علي الحسن
ويرى د. عمار عليحسن، الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي، "أن أبرز ما أفرزته هذهالوثائق حتى الآن أنها عززت الصورة النمطية للشعوب العربية عن حكامها، منأنهم تابعون للإدراة الأمريكية، كما أنها كشفت لهذه الشعوب أن ما يصدر منقرارات من قبل حكامهم ليست قرارات وطنية، بل ربما اكتشفت هذه الشعوب أنبعض الحكام قد يضحون بمثل هذه المصالح الوطنية من أجل بقائهم على سدةالسلطة".
ويضيف د. عمار علي حسن في حديثه لـ"العربية.نت" تعليقاً على تسريباتويكيليكس "أن هذه الوثائق كشفت حالة الفصام السياسي في العالم العربي، حيثكشفت أن ما يقال ليس هو ما يتم عمله من قبل الحكام".
وعن رأيه في الرؤية الشعبية لهذه الوثائق بكونها تسريبات مقصودة يقول د.حسن: "وارد جداً أن تكون مسربة عمداً فهناك عدة أسباب تؤيد هذا الحسالشعبي، أولها الانتقائية التي تمت في هذه الوثائق، فما نشر حتى الآن يصبفي اتجاه واحد وهو خدمة إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية، حيث أظهرتهذه الوثائق حقائق كثيرة عما كان يفعله الجمهوريون في العالم العربي، ومثلهذه الانتقائية لا يفعلها سوى عقل مدبر ومن داخل البيت الواحد".
ويضيف "ومن الأسباب التي تعزز فكرة تسريب هذه الوثائق عمداً الأوضاع داخلالولايات المتحدة نفسها؛ فالإدارة الحالية تتعرض لانتقادات داخلية كبيرةمن قبل الجمهوريين ويتهمونها بالتراخي خارجياً والفشل داخلياً، وبالتاليفإن الادارة الحالية تكشف عورات الإدارة السابقة والتخريب الذي تسببت بهلتقول للرأي العام الأمريكي والعالمي إنهم معذورون ويحتاجون بعض الوقت لأنالعبء ثقيل على الإدارة الحالية".
أسانج رهن الاعتقال
جوليان اسانج
ومن الروابات التيتنسج حول جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس على الانترنت، بأنه حادالذكاء، وحاسم وعاطفي، وأحيانا مصاب بجنون الشك والأرتياب، وقد أعلنتالحكومة البريطانية إنها ألقت القبض عليه بناء على أمر اعتقال أوروبيأصدرته السويد.
لد أسانج في يوليو/تموز 1971 ببلدة تاونزفيل على ساحل ولاية كوينزلاندالأسترالية وقضى حياته في السفر وكان والداه يعملان في المسرح ودائميالترحال.
وفي مرحلة المراهقة اشتهر أسانج بأنه مبرمج كمبيوتر ماهر قبل أن يعتقل عام1995 ويقر بالاختراق الإلكتروني ولم يسجن بشرط ألا يكرر ارتكاب الجريمة.
وفي أواخر العشرينات من عمره التحق بجامعة ملبورن لدراسة الرياضياتوالفيزياء. وأسس أسانج موقع ويكيليكس عام 2006 وأتاح لكل من لديه وثيقةيريد تسريبها مكاناً على الموقع.