مظاهرات سابقة في الأردن
عمان - ناصر قمش
رغم
إضفاء طابع سلمي على المسيرات التي تحاول المعارضة الأردنية تنظيمها يوم
الجمعة المقبل كتعبير عن غضب الشارع الأردني على غلاء الأسعار، غير أن
الحكومة التي حظت بثقة الأغلبية الساحقة في البرلمان تستعد للتعامل مع تلك
المسيرات على اعتبار أنها أحد أهم أشكال الاحتجاج الجماهيري في البلاد،
وعلى أنها من أبرز التحديات التي تهدد مستقبلها.
وتضع المسيرات المرتقبة إسقاط حكومة سمير الرفاعي هدفاً أساسياً لها وذلك
بعد رفعها لأسعار المحروقات بنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 6% وهو الأمر الذي
انعكس على أسعار العديد من السلع الأساسية.
والمعروف أن الحكومة تقوم بتحديد أسعار المحروقات بموجب معادلة اقتصادية
تتبع أسعار النفط عالميا صعودا أو هبوطا وذلك بعد أن تم رفع الدعم الحكومي
عن أسعار المحروقات وفقا لاشتراطات البنك الدولي.
ورغم تفهم المواطنين لهذه المعادلة واستجابتهم لها من أكثر من عام إلا أن
منظمي المسيرات يرون بأن الرفع الأخير لأسعار المحروقات زاد عن ارتفاع
الكلفة الحقيقية لأسباب فيما يبدو تتعلق برفد عجز الميزانية.
وبحسب مراقبين ينبع مصدر القلق الأساسي للحكومة من هذه المسيرات كونها
مجهولة النسب نظراً لعدم وقوف تيار سياسي محدد وراءها وخصوصا جبهة العمل
الإسلامي الأمر الذي يصعب معه التحكم بمساراتها السياسية كما حدث في أزمة
المعلمين التي خرجت عن السيطرة في ظل عدم وجود مرجعيات تتحدث إليها الدولة.
ويرى المراقبون أن هذا النمط من المسيرات تم اختباره مؤخرا في مدينة ذيبان
جنوبي عمان وحقق نجاحا في إزعاج السلطات المحلية التي لم تكن تدرك أن هذه
المسيرة ماهي إلا بروفة لمسيرات أوسع ستطرق أبواب العاصمة عمان.
وبحسب القائد العمالي والناطق الإعلامي باسم لجنة شباب ذيبان محمد السنيد،
فإن احتجاجات الجمعة القادمة على رفع الأسعار، ستكون بداية الإعلان عن
سقوط الحكومة شعبيا وأكد السنيد، أن المسيرات الشبابية ستنطلق في عدد من
مناطق المملكة، وفي مقدمتها ذيبان، والكرك، والسلط، وإربد، والعقبة،
والطفيلة.
تنسيق متبادل
وأوضح
الناطق باسم اللجنة الشبابية أن هنالك تنسيق متبادل مع الجهات القائمة على
الاحتجاجات، وأن جميعها ذات طابع شبابي، وتم تنظيمها من خلال الطلبة
الجامعيين، وعمال المياومة.
وقال: "نرحب بأي جهد حزبي في سياق رفض السياسات الاقتصادية للحكومة، لكننا
لا نحسب أنفسنا على أي حزب أو تجمع"، وأضاف: "هدفنا الرئيسي إسقاط الحكومة
التي رفعت الأسعار، وأسست لغلاء المعيشة في البلاد، هدفنا إسقاط سمير
الرفاعي ضمن الأطر والتحركات السلمية، فلا يجوز أن يموت المواطن الأردني
من الجوع.
في الوقت ذاته أصدرت حركة اليسار الاجتماعي بيانا وضعت فيه - معيارين لهذه
المسيرات يتمثلان في رفع الأعلام الأردنية فقط على بوابة المسجد الحسيني
تعهدت بأن تقوم لجان تنظيم المسيرات بتسليم "أي مندس" يعتدي على الممتلكات
العامة والخاصة للجهات الأمنية.
إلا أن هذا لا يروق للدولة التي استنفرت كل قواها لإحباط المسيرة وإفشالها قبل يوم الجمعة الفاصلة.
وفي الوقت الذي شدد فيه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على ضرورة
التخفيف من آثار رفع الأسعارعلى الموطنين وأوعز للأسواق التابعة للجيش
بعدم رفع سعر أي مادة والحفاظ على سعرها القديم، أفردت اللجنة المالية
والاقتصادية في البرلمان جانباً واسعا من نقاشاتها, مع وزير الصناعة
والتجارة وممثلي القطاع الخاص, لمسألة ضبط الأسعار, وخاصة المتعلقة
بالمواد الأساسية.
مراقبة الأسعار
وطالبت
اللجنة المالية الحكومة بمراقبة الأسعار، ووضع مقاييس تأشيرية لها، ووضع
حد لتغول تجار على المواطنين، ومراقبة الارتفاعات المتواصلة لأسعار المواد
الغذائية الأساسية.
وبحثت اللجنة مع ممثلي القطاع الخاص "الرسوم والضرائب التي تتقاضاها
الحكومة على السلع الأساسية، وطالبتهم بوضع دراسة متكاملة حول الموضوع".
وتعمل الحكومة حاليا على تعديل 3 قوانين، تضم "حماية المستهلك"
و"المنافسة" و"الصناعة والتجارة"، بهدف السيطرة على الأسواق، كما سارعت
الى عقد لقاء مع تجار المواد الغذائية لاتخاذ إجراءات حكومية حازمة
لمعالجة الاختلالات في أسعار السلع الغذائية والتموينية في السوق المحلية
ولوحت بأنها ستتدخل بقوة في هذه المرحلة للحد من مغالاة بعض التجار
للأسعار.
وقالت الحكومة إنها ستتخذ حزمة الإجراءات لضمان استقرار الأسعار في السوق
المحلية، حيث ستبدأ برصد اتجاه أسعار 10 سلع أساسية بشكل شهري وهوامش
الربح لتحديد المستويات الطبيعية للأسعار في السوق حيث سيتم إصدار نشرة
تأشيرية شهرية، كما سيتم التركيز على أسعار الخضار والفواكه ولن تتردد
الحكومة باتخاذ قرار بوقف تصدير أي سلعة إذا وجدت مبررا لذلك، إضافة إلى
أنه سيتم زيادة أسواق المؤسستين المدنية والعسكرية في عدد من مناطق
المملكة، وتكثيف الرقابة على الأسواق بموازاة ذلك فإن السلطات تجهد لإفشال
هذه المسيرات وتفكيك شبكة المحرضين عليها، وتهميشهم إعلاميا والاستعداد
ميدانيا للحليلولة دون التحشيد لها.